الْحَجَّ

الحج: رحلة إيمانية إلى الله!

“وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ” (البقرة -196). الحج هو قصد بيت الله الحرام (الكعبة المشرفة ) لآداء مناسك محددة امتثالاً لأمر الله عز وجل ورغبة في ثوابه سبحانه ، وهو خامس أركان الإسلام وآخرها في الترتيب فقد فُرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة علي من ينطبق عليه شروط الحج ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران -97) ،وهذه الفريضة مرتبطة بتوقيت زمني محدد من العام ، وهو شهر شوال وشهر ذي القعدة والعشر الأوائل من شهر ذي الحجة ، وللحج أنواعٌ ثلاثة هي الإفراد والقران والتمتع وتختلف فيما بينها اختلافات وضحها الفُقهاء.

و شروط الحج علي المسلم أربعة شروط أولها العقل فلا تجب هذه الفريضة علي المختل عقلياً ، ثانيها البلوغ فالحج لا يجب علي من لم يبلغ ، ثالثها الحرية وهي أن يكون المرء حراً تماماً – أمرهُ بيده – وآخر الشروط الاستطاعة ، وفي الشرط الأخير يوجد بعض التفصيل ، فالاستطاعة هُنا تشمل الاستطاعة المادية بحيثُ أن يملك المسلم من المال ما يمكنه من آداء تلك الفريضة والرجوع لبيته دون تقصيرٍ في نفقة من يرعاهم ، والاستطاعة الجسدية هي أن يكون المسلم صحيح الجسد لكي يتحمل مشقة السفر وآداء المناسك ، فمن توافرت فيه تلك الشروط وجب عليه آداء الحج ويعاقب إن لم يفعل ، وتتجلى رحمة الله عز وجل في تلك الشروط بالإضافة إلي أن تلك الفريضة العظيمة يجب آداؤها مرة واحدة فقط في العمر كله ، فالله سبحانه وتعالى لا يكلفنا ما لا نطيق بل يريد لنا الخير والبركة.

ولتلك الفريضة العظيمة فضلُ وثواب عظيم ، فآداء فريضة الحج كالمرور بآلة الزمن التي تعيدك طفلاً نقياً لم يقترف في حياته إثماً ولا يشوب قلبه شائبة ، فعَن أبي هُريرة رضي الله عنه، قال: سَمعتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: “مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث، ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه ” ،هل هذا فقط ؟ هلي يمحو الحج الذنوب فقط ؟ ، إن كان هذا فكفى بها نعمة لكن للحج من الثواب ما يجعله وحده سبباً كافياً لدخول الجنة إذا ما تم علي أكمل وجه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ﷺ) قال : ” الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ” رواه البخاري .

و لآداء تلك الفريضة علي أكمل وجه يجب علينا معرفة أركانها التي لا تصح بدوها :
أولاً الإحرام ; هو أن ينوي المسلم في قرارة نفسه آداء فريضة الحج وينبغي أن يوافق الإحرامُ زماناً ومكاناً محدداً ، أما الزمان فهو وقت الحج وأما المكان يكون حوالي ستة أميال قبل الوصول لمكة.

ثانياً الوقوف بعرفة; ويُعد أهم ركن من أركان الحج فعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي عن رسول الله (ﷺ) قال : (الحجُّ عرفةُ، فمن جاءَ قبلَ صلاةِ الفجرِ، ليلةَ جَمعٍ، فقد تمَّ حجُّهُ، أيَّامُ منًى ثلاثةٌ، فمن تعجَّلَ في يومينِ، فلا إثمَ علَيهِ، ومن تأخَّرَ، فلا إثمَ علَيهِ)

ثالثاً طواف الإفاضة ; وهو الطواف بالكعبة المشرفة بعد الإفاضة من عرفات.

رابعاً: السعي بين الصفا والمروة اقتداء بالسيدة هاجر زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام.

هذه الأربع هي الأشياء التي بدونها يبطُل الحج ، لكن هناك العديد من السُنن التي يقوم بها المسلم اقتداء برسول الله (ﷺ) يُثاب فاعلها لكن لا يبطُل الحج بدونها منها : الاغتسال عند الإحرام ، طواف القدوم ، الشرب من ماء زمزم ، دخول الكعبة ، تقبيل الحجر الأسود أو لمسه أو الإشارة إليه ، رمي الجمرات ورفع الصوت بالتلبية وغيرها.

ينبغي علي المسلم أن يعرف جيداً محظورات الإحرام حتي لا يُعرض نفسه لضياع أجره ، ومن محظورات الإحرام : لبس المخيط من الثياب ، التطيب ، تقيلم الأظافر، حلق الشعر، صيد البر، عقد الزواج والنكاح ، ويُحظر علي المرأة أيضاً ارتداء النقاب والقفازات.

“لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك” عبارات تتراقص لها قلوب المسلمين فرحاً ، تصدح بها جميع الأفواه في الحرم المكي في مشهد مهيب كل عام ،تختلف الألوان والأعراق ، تختلف اللهجات والألسنة والجنسيات ، وتتفق الألسنة والقلوب فالجميع قد ترك الدنيا وما فيها وأتى لله مهرولاً ملبياً ، لا فرق هنا بين عربي وأعجمي ولا بين غني وفقير ، فالجميع يتحرر من زُخرف الحياة الدنيا وزينتها ليرتدي نفس قطعتي القماش ، ويكأن الله يريدُ لنا أن نرى عظمتنا وقوتنا الحقيقية في إسلامنا وإيماننا به وحده أولاً وفي اتحادنا كأمة إسلامية ثانياً.

هناك العديد من التطبيقات المميزة من تطوير شركة Quanticapps تساعدك على أداء العبادات و الشعائر الإسلامية بشكل سهل و سلس كالصلاة و الصيام و الحج و غيرها. و هي متوفرة لأجهزة الآيفون و الآيباد (التحميل من هنا) و أيضاً لنظام الأندرويد (التحميل من هنا).