السنة

السنة النبوية: دليلك إلى الحياة الطيبة!

“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ”. (البقرة-30). لم يخلقنا الله سبحانه وتعالى لغرض العبادة المجردة فالله سبحانه وتعالى غني عن عبادتنا وقد خلق الملائكة التي تسبح بحمده وتعبده في كل وقت وحين بلا توقف ، كل ما تفعله الملائكة هو الطاعة ولا يعرفون للمعصية سبيلاً ، هكذا خلقهم الله . لكنَّ بني آدم ليسوا بملائكة فهم يصيبون ويخطئون وهم بذلك أرقى وأعظم منزلة من الملائكة حين يصيبون، فهم يصلون للصواب بعد صراعٍ مع الخطأ الموجود بداخلهم- بطبيعة خلقهم – ومن حولهم أيضاً، لذلك بشّر الله سبحانه وتعالى بني آدم بالثواب العظيم والجزاء الكريم للإيمان به وطاعة أوامره وفي نفس الوقت توعَّد بعذابٍ أليم جزاءً للكفر به ومخالفة أوامره.

السنة النبوية: دليلك إلى الحياة الطيبة!
السنة النبوية: دليلك إلى الحياة الطيبة!

و لذلك اقتضي العدل الإلهي أن يكون لبني آدم كامل الحرية في اختيارهم للطريق الذي يسلكونه سواء كان طريق الطاعة أو المعصية ، وأن يُرسل الله سبحانه وتعالى لهم رسلاً مبشرين ومُنذرين يبلغون الناس رسالة الله ويشرحون لهم كيف يعبدونه حق عبادته ، وقد كان آخر هؤلاء الرسل هو سيدنا مُحمد (ﷺ) ، وبتقليد هؤلاء الرسل واتباع هداهم والسير علي سننهم يصل الإنسان للاختيار الصحيح.

السنة من الناحية اللغوية هي الطريقة والمنهج الذي يسير به أي شخص حياته وقد تكون هذه السنة صالحة أو طالحة فقد قال صلي الله عليه وسلم : (من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).

أما من الناحية الاصطلاحية فالسنة هي كل ما ورد عن الرسول (ﷺ) من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير، وبذلك تنقسم السنة النبوية لثلاثة أنواع :
1-السنة القولية : وهي كل كلام نُقل عن الرسول (ﷺ) ويشمل ذلك كل أمرٍ أو نهي أو توضيح . ويمثل هذا النوع معظم الأحاديث التي نعرفها ، وينبغي أن نعرف بعض التفاصيل عن الأحاديث النبوية حتي نستطيع الحكم علي صحتها ، فيجب التركيز علي اتصال سند الحديث ، وعلي رواة الحديث أنفسهم ما إن كانوا علماء أتقياء معروف عنهم رجاحة العقل وحًسن الخلق أم غير ذلك ، وعلي قدرة الراوي علي الانتباه والحفظ ونقل الحديث كما هو دون تغيير ، وأن يكون ما رُوي موافق لما جاء من معظم الرواة ، وأن يكون متن الحديث لا يظهر به علة تطعن في صحته .

السنة النبوية: دليلك إلى الحياة الطيبة!
هناك العديد من كتب الحديث الموثوقة

وللحديث عدة أنواع منها ( الحديث الصحيح ، الحديث الحسن ، الحديث الضعيف ، الحديث الموقوف ، الحديث المرفوع ، الحديث الموصول ، الحديث المُرسل ، الحديث المُعلق وغيرهم ) ويختلفون فيما بينهم في درجة الصحة وقوة الاستناد إليهم ، بينهم الكثير من الفروق يعرفها أهل الحديث والفقه ، أقواها علي الإطلاق هو الحديث الصحيح . ومن أشهر رواة الحديث الإمام أبي عبد الله البخاري ، أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ، النسائي ، أبي داوود ، الترمذي وابن ماجه .ولكن أشهرهم علي الإطلاق هما البخاري ومسلم رضي الله عنهما ، فكتاباهما صحيحي البخاري ومسلم يجمعان الأحاديث الصحيحة فقط ويعتبران أكثر المصادر ثقة في علم الحديث .

صحيح البخاري من أشهر كتب الحديث
صحيح البخاري من أشهر كتب الحديث

2-السنة الفعلية : هي طريقة الرسول (ﷺ) في عبادة الله عز وجل علي نطاق الشعائر أو المعاملات ، وتشمل أيضاً كل ما كان يفعله الرسول (ﷺ) .

3-السنة التقريرية : هي كل ما فعله الصحابة رضوان الله عليهم أمام الرسول صلي الله عليه وسلم وأقره وأثني عليه أو لم ينكره.

والسنة النبوية بأنواعها هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم ، أي أن أهميتها تلي أهمية القرآن في حياتنا ، فكلاهما هو كلام الله سبحانه وتعالى وأوامره ، الفرق الوحيد هنا أن القرآن الكريم محفوظٌ من عند الله عز وجل بوعد منه قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).(الحجر-9) ،أما أحاديث الرسول (ﷺ) فقد نشُك في أحدها أنه منسوب له بالخطأ وليس من قوله فإذا ما تم التأكد من قول الرسول (ﷺ) لشئ أو فعله لعبادة بطريقة ما أو أمره بأمر أو نهيه عن آخر فإن ذلك يكون بمثابة أمر أو نهي مباشر من الله عز وجل ، فأوامر الرسول (ﷺ) ونواهيه إنما هي وحي من عند الله ، قال تعالى : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ).(النجم-3،4) .

الله سبحانه وتعالى لم يدع لنا مجالاً للشك في ضرورة اتباع الرسول (ﷺ) فقارئ القرآن سيجد في ثلاثين موضع أن الله سبحانه وتعالى قرن طاعة الرسول بطاعته ،وجعل النجاة والقبول في اتباع هديه ، نذكر من ذلك قوله تعالي (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) [النساء: 80] وقوله أيضاً (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر: 7] ، وقد جعل الله طاعة الرسول (ﷺ) شرطاً لازماً لتمام الإيمان فقد قال {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء: 65[ . وقال أيضاً (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)[الأحزاب: 36].

لم يترك أصحاب الرسول (ﷺ) أمراً فعله إلا قلدوه فيه ، سواء كان هذا الأمر شرحاً وتفصيلاً لأوامر الله عز وجل ونواهيه أو كان خُلقاً يتميز به أو حتي أمور الحياة العادية التي ليس لها علاقة بالدين كطريقة جلوسه ونهوضه ، كان اتباعهم وتقليدهم له اتباع حُبٍ قبل أن يكون اتباع خوف أو أمر ، فعندما سأل أحدهم سيدنا علي رضي الله عنه عن الرسول (ﷺ) قال : (كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا، وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ )، وكيف لا يحبونه وفيه تجسد كل جميل وتنزه عن كل قبح فقد قال عن نفسه (أدبني ربي فأحسن تأديبي ) وقالت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( كان قرآناً يمشي علي الأرض ).

إن الزمن الذي نعاصره الآن هو زمن الفتن ، كثرت فيه المغريات واشتدت فيه المضللات ، كل ما حولنا يدفعنا دفعاً إلي الهلاك وما لنا مُنقذٌ غير التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه من بعده حتي نلقى الله من الفائزين . يكفي أن نعلم أنه في يوم القيامة سينادي كل شخص: (نفسي نفسي ) عدا الرسول (ﷺ) فسينادي (أمتي أمتي )، يُفكر فينا الحبيب حتي في يوم كهذا سيكون لنا شفيعاً عند الله عز وجل ، ولكن ماذا فعلنا لنستحق شفاعته ؟
هل تُحب الرسول (ﷺ) كما يُحبك ؟ ، إن علامة الحُب هي الطاعة والاقتداء ، فاتبع سنته تنل شفاعته .

هناك العديد من التطبيقات المميزة من تطوير شركة Quanticapps تساعدك على أداء العبادات و الشعائر الإسلامية و اتباع السنة النبوية بشكل سهل و سلس، و هي متوفرة لأجهزة الآيفون و الآيباد (التحميل من هنا) و أيضاً لنظام الأندرويد (التحميل من هنا).