الصيام هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة أي أنه له من الأهمية وسط شعائر الدين الإسلامي مكانة مميزة فهو ليس فرضاً عادياً وإنما من الأركان الأساسية التي يرتكز عليها الدين الإسلامي ، لذلك جعله الله سبحانه وتعالى فرضاً لازماً علي كل مسلم بالغ عاقل قادر علي الصيام . ربما بالنظر سطحياً لهذا الفرض يبدو أن غرضه هو مجرد فرض المشقة والتعذيب علي الإنسان لكن علي النقيض تماماً فالله سبحانه وتعالى فرض علينا هذه الفريضة لينالنا منها النفع والخير والبركة . فقد أثبتت جميع الدراسات فوائد الصيام الجمة علي الإنسان علي كل المستويات نفسياً وجسدياً وروحياً بل واجتماعياً أيضاً حتي صار غير المسلمين يصومون كما نفعل بغية تحصيل هذه الفوائد .
الوسم: الصيام
الجزاء العظيم للصيام
ربما سمعت يوماً أنه من زرع حصد وأن الجزاء من جنس العمل ، فإن كان الاجتهاد من شيمك فسيكون النجاح حليفك ، وإن كانت مساعدة الناس هي سلوكك فسيسخر الله لك من يساعدك يوماً ما ومن المؤكد أنك تعلم أنه لا شئ بلا مقابل ، فإن طلبت من أحدهم إنجاز مهمة ما لك فستدفع له بالتأكيد مقابل هذه الخدمة ، وإن أتمها لك علي النحو الذي تحب فأعجبك صنيعه ربما زدت له فوق أجره شيئاً ، ولله المثل الأعلى ليس كمثله شئ ، عندما ننصاع لأوامره وننتهي عن نواهيه يجازينا أيضاً في الدنيا والآخرة .
ولكن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شئ فهو الحليم الكريم لا يجازينا فقط بقدر أعمالنا ولكن يزيد لنا الحسنات أضعافاً ، فالحنسة بعشر أمثالها وربما أكثر من ذلك بكثير ، ربما يرجع ذلك إلي أن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلي الفعل المجرد وإنما يجازينا أيضاً علي نقاء النية وجهاد النفس والإخلاص والصبر ، يجازينا علي إيماننا وحبنا له سبحانه ، ذلك الحب الذي يدفعنا إلي ترك ما تميل أنفسنا إليه طمعاً في أن ننال رضاه .
إن كان الله يجزينا هذا الجزاء عن العبادات عامة فإن للصيام وضع خاص ، فقد خصه الله عز وجل بأجر مُختلف غير مُحدد . لم يُحدد الله عز وجل أجر الصيام لأن عقولنا المحدودة لن تستطيع تخيل مقدار هذا الجزاء وعظمته ، وكأن الله يقول للمؤمن فلتتخيل قدرما تُريد من النعيم جزاءً لصومك فإنني سأعطيك ما يفوق خيالك . عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ).
أوليست كل العبادات هي أوامر الله تعالى ؟ ما المُختلف في الصيام الذي يجعل ثوابه غير مشروط وبدون حدود ؟ … هذا لما يختلف فيه الصوم عن باقي العبادات ، فالصوم خصيصاً تجتمع فيه من الخصائص ما لا يوجد في غيره ففيه يترك المسلم ما أُحل له في غيره من الأوقات امتثالاً لأمر الله عز وجل وفي ذلك مشقة يعلمها الله تعالى خصيصاً في الأيام الطويلة والطقس الحار ، فتحمُل المسلم لهذه المشقة ابتغاء وجه الله وحده دليلَ علي قوة الإيمان بقلبه ، بالإضافة إلي أنها العبادة الوحيدة التي تخلو من الرياء فلا أحد يراك إلا الله إن صمت فأحسنت الصيام أو إن ادعيت ذلك ، كما أن الصيام من أفضل العبادات التي يتمثل فيها الصبر في أبهي صوره ، وقد وعد الله الصابرين أجراً غير محدود فقد قال تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب) [الزمر:10] ، ففي رمضان يصبر المؤمن علي الجوع والعطش وآلامهما ، ويصبر علي ضعف جسده وخموده المؤقت نتيجه نقص الغذاء ، ويصبر علي ترك شهوته ويصبر علي ترك المعاصي مما قد تعود عليه في غير رمضان كل ذلك فقط ليرضى الله عنه فيجازيه الله عز وجل بما لم يكن يتخيله .
هذا هو شرف الصوم في أي وقت بدون تحديد ولكن للصوم في شهر رمضان فضلاً مضاعفاً وبركة أخرى يضفيها عليه هذا الشهرالمبارك ، فجميع الأعمال فيه مُضاعفة الثواب .
ومما قد وردنا في فضل الصيام وعظمته أن الله سبحانه وتعالى قد جعل في الجنة باباً مًخصصاً للصائمين لا يدخل منه الجنة سواهم وذلك تشريفاً وتعظيماً لهم عمن دونهم ممن يدخلون الجنة . عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة باباً يقال له: الريَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد). متفق عليه.
كما أن الله سبحانه وتعالى جعله مُكفراً للذنوب وسبباً في الشفاعة يوم القيامة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشَفَّعان).
ومن دلائل حب الله للصائمين أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من رائحة المسك .
ها أنت قد علمت كم يحبك الله ، وعلمت أيضاً بعض ما ينتظرك من الثواب العظيم ، أوليس هذا كله يجعلك تتحرق شوقاً لتصوم أيام رمضان وتتطوع صياماً أيضاً في غيره ؟ اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين واجعلنا من عبادك المتقين الصابرين.
هناك العديد من التطبيقات المميزة التي تساعدك على أداء الشعائر و العبادات المختلفة في رمضان و أي وقت آخر بسهولة و يسر مثل تطبيق القرءان الكريم Quran Pro الشامل لكل ما يتعلق بكتاب الله من قراءة و تفسير و استماع لأشهر القراء (التحميل : iOS / Android). و لدينا كذلك تطبيق الآذان المميز Athan Pro للتذكير بأوقات الصلاة بجانب مزايا أخرى كثيرة (التحميل : iOS / Android).